الإضراب عن الطعام فى ميزان الإسلام
*لماذا تضرب عن الطعام؟
*تقول: أضرب عن الطعام؛ ليلتفت الناس إلى الظلم الذى وقع علىَّ، وتنصرنى منظمات حقوق الإنسان!
*لماذا لا تجرب وسائل أخرى غير الإضراب عن الطعام؟
*تسأل: وهل يوجد وسائل تجدى غير الإضراب عن الطعام؟
*لقد نسيت أهم الوسائل: ألا وهى الدعاء؛ قال صلى الله عليه وسلم ((لا يردُّ القَدَرَ إلا الدعاءُ)) صحيح الترغيب(1638).
*تسأل: وهل يتعارض الدعاء مع الإضراب عن الطعام؟
*إن الإضراب عن الطعام: يعطل حواس الجسم، فيفقد المسلم: الخشوع فى الصلاة! ومن ثم يفقد كل معنى للحياة! بل ستصبح الصلاة ثقيلة على نفسه، وقد يتركها بالكلية! قال عز وجل (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة(45).
*تقول: لا تنكر أن الإضراب عن الطعام يُرَوِّج إعلاميا للظلم الواقع علىَّ، وينذر بيوم الخلاص. أخى الحبيب: لا تنكر أن دعاء المضطر بإلحاح: يبشر بأن يكشف الله السوء عنك، ويجعلنا خلفاء الأرض؛ قال عز وجل (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ) النمل(62). بل ويستحى الله من دعاء المضطر المُلِح؛ قال صلى الله عليه وسلم ((إن الله تعالى حَيىٌِّ كريمٌ يستحى إذا رفع الرجل إليه يديه: أن يَرُدَّهما صِفرا خائبتين)) صحيح الجامع(1757).
*تقول: لكنى أحتاج إلى من يواسينى من وسائل الإعلام؛ فقد أكون محبوسا انفراديا. أخى: ما أجملها الخلوة مع الله؛ فقد تكون سببا لإتمام حفظك للقرآن، وقد يتعلقك قلبك بذكر الله وكثرة الصلاة والسلام على رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم ((ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها: إلا حَسِرَ عليها يوم القيامة)) صحيح الجامع (5720). وقد يكون هذا سببا فى أن يأتيَك النبى صلى الله عليه وسلم فى منامك؛ ليواسيك بنفسه.
*تقول: أفزع للإضراب عن الطعام؛ من هول ما أرى! افزع للصلاة وذكر الله: تكن مطمئن القلب منشرح الصدر؛ قال عز وجل (الَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد(28).
*تسأل: وماذا لو لم يستجب الله لدعائى؟ قال صلى الله عليه وسلم ((ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يُعَجِّلَ له دعوته، وإما أن يدخرَها له فى الآخرة، وإما أن يَصْرفَ عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر. قال: الله أكثر)) صحيح الترغيب(1633). قال صلى الله عليه وسلم ((الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)) صحيح الجامع(3409). قال المُناوى [(الدعاء ينفع مما نزل) من المصائب والمكاره: أى يَسهل تحمل ما نزل من البلاء، فيصبره أو يرضيه، حتى أنه لا يكون متمنيا خلافه. (ومما لم ينزل) منها: بأن يصرف ذلك عنه، أو يمده قبل النزول بتأييد إلهى من عنده؛ حتى لا يعبأ به إذا نزل] فيض القدير(3/724).
*تسأل: ما حكم الدين فيمن يضرب عن الطعام إذا وقع عليه ظلم؟ وكيف يكون التصرف معه؟ أجاب فضيلة الشيخ عطية صقر بقوله (ليس فى الدين شىء اسمه الإضراب عن الطعام أو الشراب لتحقيق غرض من الأغراض؛ فهو وسيلة سلبية يجب ألا يأخذ بها أحد، والوسائل المشروعة كثيرة. ومن سلك هذا المسلك: فقد أضر نفسه بالجوع والعطش فى غير طاعة، والحديث معروف ((لا ضرر ولا ضرار)) وفى الوقت نفسه عرََّض نفسه للموت! والله يقول (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة(195). ومن مات بهذا الإضراب يكون منتحرا، والانتحار من كبائر الذنوب، فإن استحله كان كافرا، لا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يُدفن فى مقابر المسلمين) فتاوى الأزهر(10/149).
*تقول: لا ذنب علىَّ؛ فغالب السجناء يضطرون للإضراب عن الطعام. ابدأ بنفسك؛ قال عز وجل (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِى الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ) الزخرف(39).
*تسأل: ما الذى يثبتنى على الحق، ويمنعنى من أن أزل فى الإضراب عن الطعام؟ تذكر: أن صحابة النبى -صلى الله عليه وسلم- أوذوا بأكثر مما أوذيت، ومع ذلك: لم يضربوا عن الطعام. فهذا بلال -رضى الله عنه- يوضع على رمال مكة المحترقة: بلا ملابس إلا ما يوارى سوأته، ويكوى جلده، وأمنا عائشة -رضى الله عنها- تتهم فى عرضها، ومع ذلك: لم يضربوا عن الطعام؛ احتجاجا على ذلك. وتذكر قول القائل (إذا ابتلانى الله بمصيبة: حمدت الله أربعا، حمدت الله: أنها لم تكن فى دينى، وحمدت الله: أنها لم تكن أكبر من هذا، وحمدت الله: أن وفقنى للصبر عليها، وحمدت الله: أن أمَّلنى (أعطانى أملا) فى الخير الذى ينتظرنى إذا ما صبرت عليها).
*أخى: ستحس بحلاوة الصبر على البلاء: إن علمت أن أهل العافية سيحسدونك يوم القيامة: لعظيم أجر أهل الصابرين على البلاء عند الله! قال - صلى الله عليه وسلم- ((ليوَدُّن أهل العافية يوم القيامة: أن جلودهم قرِّضت بالمقاريض؛ مما يرون من ثواب أهل البلاء)) الصحيحة(2206). أسأل الله: أن تكون من أهل هذا الفضل فى الجنة.
منقوووووووووووووول